السليكون الفرنسى المغشوش الذى استخدم فى جراحات تكبير الثدى صار حديث العالم، وصار جان كلود ماس، المؤسس، الرئيس التنفيذى لشركة «بولى أمبلنت بروتيس» الفرنسية، مطلوباً، وأصدر الإنتربول ما يسمى «المذكرة الحمراء» للقبض عليه، وكانت منتجاته لتكبير الثدى قد سحبت من الأسواق فى عام ٢٠١٠، وكانت وزارة الصحة الفرنسية قد أوصت الجمعة الماضى بإجراء عمليات جراحية لـ٣٠ ألف امرأة خضعن لعملية زرع مادة السليكون الردىء فى أثدائهن، لإزالة تلك المادة كإجراء احترازى، وجاء فى بيان الوزارة أن «المخاطر الواضحة المتعلقة بعمليات الزرع هى حدوث تمزقات فى المادة الهلامية، وتأثيرها القوى المهيج لأنسجة الجسم، الذى يمكن أن يؤدى إلى الالتهاب، مما يجعل إزالتها أمراً صعباً».

رغم أن بيان وزارة الصحة الفرنسية لم يذكر خطر السرطان فإن فوبيا السرطان قد أصابت النساء اللاتى تعرضن لهذه العملية حول العالم، خاصة بعد تناثر الشائعات حول وفاة سيدات أصبن بالسرطان بعد عدة سنوات من إجراء العملية فى فرنسا، وهنا لابد من مناقشة هذه القضية بطريقة علمية، والاستفادة من دلالاتها بعيداً عن مناقشة ضرورة أو عدم ضرورة العملية، وهل هى رفاهية أم أنها ضرورة نفسية للبعض؟... إلخ، لن أناقش هذه الزاوية اللامجدية لهذه القضية لكننى سأركز على كيفية تناول الأطباء الفرنسيين ووزارة الصحة الفرنسية هذا الموضوع، وكيف يتم تناول الإعلام لقضية علمية بطريقة منهجية بعيدة عن الإثارة؟.

أولاً: لم تذكر وزارة الصحة الفرنسية أن هذه جراحة تافهة أو هايفة لا لزوم لها، وأن من الضرورى إلغاءها، فهذه ليست مهمتها، لأنها لا تتطفل على رغبات الآخرين، لكنها تحكم على مدى أمانها الطبى والصحى فقط، ولم تقل إنها ليست مسألة أولويات، فصحة المواطن هناك كل تفصيلة فيها مهمة.

ثانياً: أثبتت الأبحاث أن نسبة حدوث سرطان الثدى تتساوى عند من أجرين عمليات تكبير ثدى وعند من لم يتعرضن لتلك الجراحة، ويعنى هذا أن السليكون ليس عاملاً مباشراً لحدوث سرطان الثدى، لكن تسربه إذا كانت صناعته رديئة إلى داخل نسيج الثدى يحدث التهابات شديدة وليس سرطانات، لكن المشكلة تكمن فى أن السيدة التى تجرى هذه الجراحة، والتى لا تتابع بالماموجرافى ثدييها كل سنة لا تستطيع الاكتشاف المبكر لأى «كلكوعة» أو بداية ورم صغير عند تحسس ثديها بالكشف اليدوى العادى، هذه هى النقطة الوحيدة التى يمكن تفاديها بالمتابعة بالماموجرافى أو الأشعة المتوافرة الآن فى وزارة الصحة بالمجان.

ثالثاً: مادام الأمر كذلك، فهناك سؤال مهم يفرض نفسه: هل من لديها تاريخ سرطان ثدى فى العائلة سواء الأم أو الخالة.. إلخ، هل من الأفضل لها ألا تجرى هذه الجراحة؟، وهل الأفضل أن يكون الكيس المزروع محلول ملح فقط على سبيل المثال؟

رابعاً: هل من أجرت جراحة استئصال ثدى أو بالأصح جزء من الثدى بسبب ورم سرطانى تستطيع إجراء جراحة تكبير ثدى بالسليكون، لكى تجعل الثديين متساويين فى الحجم؟، هنا هى ترغب فى التوازن النفسى بعد هذه الجراحة الصادمة، ولا تبحث عن أى إغراء أو إثارة، لابد من إجابة عن هذا السؤال بعد اللغط والجدل الذى يدور حول هذه القضية، خاصة أنها تأتى من عاصمة الجمال.. فرنسا.